تأسست جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه على يد مجموعة من العلماء والأساتذة الكبار في حوزة قم العلمية عام 1337 هـ.ش، وكانت في البداية تعمل بشكل سري وكانت تنظيماً سرياً تماماً. في عام 1342 هـ.ش حين بدأت الاحتجاجات الإسلامية للشعب المسلم الإيراني بقيادة حاسمة من الإمام الخميني قدس سره وبمشاركة العلماء والطلاب وقطاعات أخرى من الناس، استجابت جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه ، كتنظيم حوزوي، لدعوة الإمام الخميني واستخدمت كل طاقاتها لدعم واستمرار النضال.
سارت جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه جنباً إلى جنب مع المجاهدين الآخرين في طباعة وتوزيع وإرسال بيانات الإمام الخميني قدس سره والعلماء الآخرين إلى المدن، وإرسال الطلاب إلى مراكز مختلفة لإلقاء الکلمة في الاجتماعات العامة، وإصدار بيانات تؤید الإمام الخميني قدس سره، وبشكل عام قامت الجماعة بكل عمل کان من شأنه دعم النضال في ذلك الوقت.
في انتفاضة 15 خرداد عام 1342 هـ.ش، عندما تم اعتقال الإمام الخميني قدس سره على يد النظام البهلوي ونقل إلى طهران وسُجن في ثكنة عسكرية، لعبت جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه دوراً هاماً في حث الناس على الانتفاضة.
لمنع قرار النظام البهلوي بمحاكمة الإمام الخميني قدس سره و إعدامه في المحكمة العسكرية، جاء علماء کبار مثل آية الله السيد محمد الهادي الحسيني الميلاني وآية الله روح الله كمالوند من قم ومدن أخرى إلى طهران وبدأوا نشاطاتهم؛ وكان لجماعة المدرسين دور کبیر في هذه الحركة، وشارك عدد من أعضائها في الاجتماعات التي نظمها العلماء لدعم الإمام الخميني قدس سره، ولعبوا دوراً هاماً في توجيه ونجاح هذه الاجتماعات. في هذه الفترة وبجهود بعض أعضاء جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه ، أصدر عدد من الفقهاء والمراجع العظام بياناً يؤكد مرجعية الإمام الخميني قدس سره؛ وبفضل هذه الانتفاضة الشعبية الواسعة وجهود العلماء والمراجع، لم يتمكن النظام البهلوي من تنفيذ قراره، وأخیرا في 17 فروردين عام 1343 هـ.ش اضطر، رغماً عنه، إلى إطلاق سراحه وإعادته إلى قم.
الإمام الخميني -قدس سره- بعد التحرير ودخوله إلى قم، واصل قيادة النضالات، وكذلك جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه واصلت نشاطاتها إلى جانب المجاهدين الآخرين بل في طليعتهم، حتى قام بإلقاء خطاب شديد بتاريخ 4 آبان من نفس العام هجم فیه على مشروع الكابيتولاسيون وأدانه في إعلان رسمي. ولهذا السبب مرة أخری تم اعتقاله ونقله إلى طهران في تاريخ 13 آبان ، وهذه المرة تم نفيه إلى تركيا، وبعد فترة نُقل إلى العراق ثم إلى فرنسا.
حُرمت الأمة الإيرانية الباسلة والمقاتلة، بعد نفي الإمام الخميني -قدس سره- من قيادته المباشرة، ونجح نظام الشاه في تحقیق هدفه من هذا النفي، إذ كان يريد أن يُنسى السید الامام شيئًا فشيئًا وأن ييأس الناس من نضالاتهم ويملّوا منها. فازدادت مسؤولية جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه صعوبة وثقلاً، إذ كان عليها إبقاء الشعب في ميدان النضال وفي نفس الوقت تستفيد من حادثة نفي الإمام للتوعية ضد نظام الشاه. في منتصف عام 1344 هـش وبعد نقل الإمام الخميني -قدس سره- من تركيا إلى النجف واعتقال عدد من المدرسين في بداية عام 1345، وفي ظل ظروف تصاعد فیها الخفقان والقمع و تمكن نظام الشاه من الوصول الی هیمنة نسبية، تقلصت النشاطات التنظيمية لجماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه ، ومع ذلک كان الأعضاء نشطين بشكل بارز في قلب الميدان. أعضاء جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه جنبًا إلى جنب مع العلماء والطلاب والجامعيين وشرائح أخرى من المقاتلين، كانوا نشطين في غياب الإمام الخميني -قدس سره- في بعدين: الأول نشر وتوسيع دائرة المرجعية للإمام الخميني -قدس سره- وإحیاء اسمه، والثاني فضح الظلم والمظالم التي ارتكبها نظام الشاه؛ فكانت جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه نشيطة تمامًا في أداء هذه المسؤولية الخطیرة، وكانت على اتصال مع الإمام الخميني -قدس سره- بواسطة البرقيات، الرسائل، الهاتف أو الأشخاص، للاستفادة من توجيهاته في قيادة النضالات.
بعد وفاة آية الله السيد محسن الحكيم (قدس سره) في خرداد عام 1349 هـش، الذي تولى زعامة الشيعة بعد آية الله البروجردي – قدس سره – لمدة تسع سنوات، كانت سلطات الشاه تسعى لمنع بروز مرجعية الامام. وفي هذا الإطار، قامت جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه بإجراءات مهمة لترويج مرجعية الإمام الخميني – قدس سره – یمکن الإشارة الی إعداد بيان يؤكد أعلمية الإمام الخميني جاء بتوقيع اثني عشر من العلماء والفقهاء، تم ذلك بجهود جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه وتوقيع بعض أعضائها، مما أدى بالطبع إلى اعتقال ونفي حوالي 25 عضوا من الجماعة.
في شهر آبان عام 1356 هـش، توفي الحاج آقا مصطفى الخميني – رحمةاللهعلیه – بشكل مريب، وبعد ذلك في 19 دي، انطلقت مرحلة جديدة في التحولات السياسية في إيران بانتفاضة أهل قم. وبالرغم من أن بعض أعضاء جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه الدينية كانوا في السجن وبعضهم الآخر نُفي خلال الأحداث، إلا أن الجماعة أصبحت أكثر نشاطاً و استمرت الجلسات بنفس الحضور وبمزيد من التنظيم والانسجام.
و قد أدت علاقات أعضاء جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه مع المناضلین في مدنهم وبعض المدن الأخرى الى ظهور شبكة واسعة من النضال بمركزية جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه.
في الثاني عشر من بهمن عام 1357 هـش، وعند ذروة النضالات، عاد الإمام الخميني إلى إيران، ونتيجة للقيادة الحكيمة للإمام والنضال الشرس لشعب إيران البطل المعطاء، تم في اليوم الثاني والعشرين من نفس الشهر إسقاط نظام الشاه، وتحقيق النصر للثورة الإسلامية. وفي هذا الوقت تغيرت مسؤولية جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه من مناضلة الطاغوت إلى المشاركة في تأسيس وتثبيت الحكومة الإسلامية.
وللمهتمين للاطلاع أكثر على أنشطة وتحديات جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه منذ تأسيسها وحتى الآن، يمكنهم الرجوع إلى مجموعة الكتب المنشورة من قبل هذه الجماعة.
من أهم نشاطات جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه بالتزامن مع بقية العلماء وشرائح الشعب المناضل في إيران يمكن الإشارة إلى ما يلي:
الهدف من تأسيس مجموعة تُسمى ” جماعه العلما و المدرسین فی الحوزه العلمیه بقم المقدسه ” هو النضال السياسي، التعريف بالإسلام الحقيقي وتطبيق تعاليمه في إيران ثم نشره في دول أخرى، والثبات في هذا الطريق. في الواقع، يمكن القول بأن الجانب السياسي للنشاطات کان مقصودا منذ تأسيس الجماعة . تم الوصول إلى هذا الهدف العظيم خلال النضالات وحتى انتصار الثورة الإسلامية بطرق مختلفة تمت الاشارة إلى بعضها.